سمير المصري

دكتور سمير المصري يكتب.. بين التناقض والاشمئزاز

الاشمئزاز والمتعة واللذة وجوه متعددة لعملة واحدة، بعض الناس «يشمئزون» من جسد عار، وأحيانا هم أنفسهم، يعتبرون النظر إلى هذا الجسد متعة ويجنون من ورائه لذة وسعادة.

البعض الآخر من الناس، قد يشعرون بشمئزاز عظيم لرؤية أمعاء خارجة، بطون الأبقار.مثلا، ومع ذلك يستمتعون بتناولها، وهو شيء عظيم من التناقض على الرغم أنهم يمكنهم تناولها مثل المبمبار.

نعرف أيضا أن نسبة غير بسيطة من مشاهدى الأفلام تقبل على مشاهدة «أفلام الرعب المشمئزة»، وبخاصة تلك التى تظهر فيها رقاب مذبوحة، وحيوانات حية معروضة على الشاشة بشكل شيء تثير موجة من الاشمئزاز. 

هنا أيضا يمتزج لدى بعض الناس الاشمئزاز والانشراح 

 في زيارة لصديق لي مريض.. رحب بي ، وكذا أسرته كعادتهم ، وقد استغرق الترحيب وقت كبير نسبيا ، ثم جاء السؤال الذى يتردد فى كل مرة ، 

           « تفتكروا إحنا رايحين علي فين ؟»،  

إلا أنه جاء هذه المرة وفي نهايته علي غير المعتاد بعبارة فعلا «إحنا قرفنا» 

تبدو الكلمات لأول مرة تصريحا قبل أن أتبين أنها تهديد وإنذار .. انشغلتا فى الحديث عن «الحالة». قضينا ساعة ترددت خلالها عشرات المرات كلمة «الاشمئزاز» ومشتقاتها مثل قرفنا وقرفانين، وعبارات أخرى من هذا القبيل.

  رجعت لمقر العمل حيث الاجتماع الأسبوعى لفريق العمل الموسع لإنجاز بعض الأمور المدرجة في جدول الأعمال، قعدت استمع إلى همس البعض ، وأسمع صراخ البعض الآخر.. إيه ده ؟ 

حاجة غريبة فعلا … بجد كان الاشمئزاز مهيمنا فى حديث الجميع ، كل واحد على حسب دوره في فريق العمل، سواء كان دورا صغيرا كان … أم كان له دور كبير في خطة العمل ،

 الصغير والشاب … في الأحلام للكبار عن تجارتهم وأعمالهم …. ايوة كلهم كانوا قرفانين.

       ” حالة اشمئزاز عامة غريبة …. “

 المهم ذهبنا كمجموعة من المتخصصين ، لحضور ملتقي يلقي فيه أستاذ وصديق محاضرة عن قضية شغلت الراي العام في المجتمع . 

انتهت المحاضرة وعلى غير العادة لم يسرع كثيرون نحو المنصة للاستزادة أو للتهنئة أو الحصول على رقم هاتفه المحمول …. 

خرجنا إلى الطريق حيث وقف الحاضرون فى مجموعات يتناقشون ، سمعتهم يعلقون ، ليس على المحاضرة ولكن على وصف الحالة التى خرجوا بها من المحاضرة وتسببت فيها تلك القطعة الصغيرة من بقايا الأكل التى تعلقت بذقن المحاضر ، و«كانت تتحرك مع حركة الذقن وفى حركتها تسحب انتباهنا وتشتت تركيزنا». 

البعض استخدم كلمة «الاشمئزاز» فى وصف شعوره ، والبعض الآخر خجل ولم يستخدمها ولكن أكد أنه لم يستفد شيئا من المحاضرة لأنه قضى معظم وقت المحاضرة وهو يحاول أن يبتعد بنظره عن المحاضر فسرح فى أمور أخرى.

 رغم ان عملي الاساسي هو مستشار تدريب، دربت نفسى على التحكم قدر الإمكان فى تعبيرات الوجه وغيره من الانفعالات عند الإصابة بالقرف …. علما انه من المعروف عن القرف صعوبة تجاهله ، ولكننى أظن أنه من الممكن ، بل ومن الضرورى، محاصرته لاتقاء شره ” القرف ” .

 أن الاشمئزاز له شروره الكثيرة ، وبعضها في غاية الخطورة ،  

سمعت من يقول إن الشعور بالاشمئزاز يؤثر حتما على سلامة قرارات وصحة أحكام من يصدرها وهو فى حالة الاشمئزاز يعنى مثلا أن القاضى النزيه إذا أصابه قرف من شكل المتهم أو محامى المتهم وسلوكهما أو من حالة القاعة وجمهورها، يتعين عليه أن يمتنع عن الحكم .

  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى