آراء حرة

الدكتور علاء رزق يكتب.. العملات الرقمية والتحديات الإقتصادية

إزدادت على الساحة العالمية الآن أهمية العملات الرقمية، مع الإفصاح عن أهم التحديات الإقتصادية التي واجهتها خلال الفترات الماضية وذلك على أعتاب قيام بعض الدول بطرح عملة رقمية مدعومة بالذهب مثل دولة زيمبابوي الإفريقية، التي تعتزم الآن طرح عملة رقمية مدعومه بالذهب لتحقيق هدفين، الأول هو تحقيق الإستقرار للعملة المحلية في زيمبابوي بعد ان تخلت عنها في عام 2009، وإستبدالها بالدولار الأمريكي ، حيث تم إعادة إصدار دولار زيمبابوي عام 2019 في محاولة محلية لإنعاش الإقتصاد الراكد ،ثانيا ، فإن طرح زيمبابوي عملة رقمية مدعومة بالذهب تهدف إلى تجنب إنخفاض قيمة عملتها المستمر أمام الدولار الأمريكي، لأنه كما هو معلوم أن من شان الرموز الرقمية ضمان من لديهم أموال بالعملة المحلية ان يقوموا بتبديلها مقابل رموز رقمية تهدف إلى، إما تخزين للقيمة النقدية، أو لضمان التحوط ضد تقلبات العملة المحلية، أو إمكانية شراء وحدات الذهب مقابل طرح هذه العملة الرقمية المدعومة بالذهب, وبالتالي كان الهدف من طرح هذه العمله هو التخلص من السيولة المحلية الفائضة، وضمان إستقرار للعملة المحلية، لا سيما واننا امام دوله وهي زيمبابوي قد تآكلت فيها قيمة عملتها أكثر من 41% نتيجه إرتفاع التضخم مسجلا 837% عام 2020 لتكون هي أسوأ عمله تحقيقاً للخسائر بعد الليرة اللبنانية التي تاكلت 70% والليرة السورية 64% فيما إنخفض الجنيه المصري بخساره 24% ،ويمكن القول أن النقود بإعتبارها هي محور للقرارات الاقتصادية لا سيما في مجال الإنتاج والتوزيع وإدارة الإقتصاد الكلي ،حيث يتم النظر إلى السياسة النقدية بإعتبارها خط الدفاع الأول لتلقي الصدمات الإقتصادية، وصانعة للمبادرات المحفزة للنشاط الإقتصادي ،ومن ثم المساهمة في تحقيق أهم محاور الأمن القومي وهو محور الأمن الاقتصادي، وبالتالي نجد أن كثير من الدول لم تركز حتى الآن على العملات الرقمية رغم انها تساهم في تحقيق التوازن في سعر الصرف وبالتالى تحقيق الأمن الاقتصادي، بإعتباره أحد أهم محاور الامن القومي، لأن السياسة النقدية تسعى دائما إلى وضع السياسات الخاصة بالتحديد الكمي للسيولة النقدية عبر تغيير نسبة الإحتياطي بالبنوك، أو تغيير سعر الفائدة وهو ما يسمى سعر الخصم أو عمليات السوق المفتوح عبر شراء النقود وبيعها في السوق عن طريق طرح سندات أو أذون خزانة ،كذلك فإن السياسة النقدية تسعى إلى وضع سياسات للتحديد النوعي للنقود عبر وضع سقوف إئتمانية تلتزم البنوك بعدم تخطيها بالنسبة للقطاعات التي تساهم في تنمية الإقتصاد الوطني، أو وضع حد أدنى لتمويل قطاعات معينة، او تقديم مبادرات تمويل منخفضة الفائدة، ورغم الزخم الكبير في قارات العالم المختلفة فيما يتعلق بالعملات الرقمية التي يتجاوز عددها أكثر من 10000 عملة، وقيمة سوقية تعدت 2 تريليون دولار ،وهو ما يعني ببساطة أننا أمام مرحلة مخاض لتطور جديد للنقود يؤسس لنظام نقدي عالمي جديد، وأهم ما يجعلنا نناقش هذا الموضوع الجديد هو أن دولة الإمارات العربية سبقت دول العالم حين أعلنت عن طرح عملة رقمية مدعومة بالذهب عام 2020 لتحتل الامارات المركز الأول عالمياً بالدخول في سوق العملات الرقمية في الوقت الذي تشهد فيه الإمارات تفوقاً كبيراً في مختلف المؤشرات الإقتصادية، وتشهد أيضاً تطورا كبيراً في مجال السياحة والتجارة والعقارات ،ومعتمدة على بنية تحتية عملاقة ،حيث أطلقت مجموعة أي بي أم سي فاينينشال بروفيشونالز، المؤسسة المعترف بها دولياً في مجال الخدمات المالية في دبي أول عملة رقميه ذهبية في العالم بالتعاون مع شركة يو اس جولد كرانس الأمريكية وبورصة بلوكفيلز الامريكية، حيث يستفيد متداولو العملة الجديدة من كونها أصلا رقمياً آمنا غير معرض لتقلبات وإضطرابات الأسواق، بالإضافة إلى إمكانية إستبدالها بأصل ملموس آخر، ورغم ان مصر قد تعرضت لتردى الأوضاع الإقتصادية بعد عام 2011 ،فقد دعا البعض للنظر إلى النقود المشفرة والعملات الرقمية كعملات يمكن أن يكون لها دور كبير في تمويل التنمية، ولكن تم التعامل مع قضية الإصلاح المالي المصري بالطرق التقليدية، وبالتعاون مع المؤسسات الدولية الكبيرة مثل البنك، وصندوق النقد الدوليين، وتم القضاء بالفعل على سوق المضاربة الدولارية بعد تحرير سعر الصرف في نوفمبر عام 2016 ولكن مع صدور قانون البنك المركزي المصري رقم 194 لسنه 2020 الذى تم فيه الحظر الكامل لإصدار العملات المشفرة رغم أنها تعتبر نوعاً جديداً من المشتقات المالية، لكن هناك العديد من الاسئلة كان يجب الإجابة عليها لوضع نموذج يمكن الإتفاق عليه إقليما ودولياً، لتنظيم تلك العملات ،وأهمها ان العالم الآن يواجه حالة من عدم اليقين وصلت إلى ذروتها ،مع عدم وضوح الرؤية المستقبلية للإقتصاديات العالمية، وهو ما يتطلب الخروج بتشريعات مناسبة تكون قادره على تحقيق التناسق والتعاون مع الشركاء في التكتلات الإقتصادية، والمؤسسات الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى